أخبار

إنريكي يعود من الباب الواسع: هل يُعيد برشلونة إلى عرشه… أم يفتح جحيمًا جديدًا؟

بينما لا يزال برشلونة يتخبط في دوامة البحث عن هويته بعد رحيل تشافي، تطفو على السطح أسماء كثيرة لخلافته. لكن بين كل الأسماء، هناك واحد يحمل وزنًا تاريخيًا وعاطفيًا وجماهيريًا هائلًا: **لويس إنريكي**. نعم، المدرب الذي قاد “البلاوغرانا” إلى ثلاثية تاريخية عام 2015 (الدوري، الكأس، ودوري الأبطال)، ثم غادر مُثقلًا بالخلافات والتوترات، قد يكون على أعتاب العودة… ولكن، هل الوقت مناسب؟ وهل الفريق مستعد؟ وهل هو نفسه مستعد؟—### **العودة التي لا يريدها الجميع… لكنها تفرض نفسها**لم يكن خبر عودة لويس إنريكي إلى برشلونة مجرد شائعة عابرة، بل بدأ يتبلور شيئًا فشيئًا عبر تسريبات صحفية موثوقة، وأحاديث داخل دوائر النادي. فالإدارة، وعلى رأسها رئيسها جوان لابورتا، تبحث عن “حل سريع” يُنقذ الموسم ويُعيد الزخم الجماهيري والرياضي للكامب نو.إنريكي، رغم مرور سنوات على رحيله، ما زال يمتلك سحرًا خاصًا في عيون كثير من المشجعين. فهو الرجل الذي أعاد بناء الفريق بعد عصر غوارديولا، وحوّله إلى آلة انتصارات لا تُقهر في موسم 2014-2015. كما أنه يعرف النادي من الداخل، ويعرف ثقافته، ويفهم طبيعة اللاعبين والإعلام والضغوط.لكن… لماذا الآن؟الإجابة بسيطة: لأن برشلونة في حالة طوارئ.تشافي، رغم محاولاته الصادقة، لم يستطع إخراج الفريق من أزمته الهيكلية والفنية. الأداء غير مستقر، النتائج متقلبة، والثقة مفقودة. الإدارة ترى في إنريكي “رجل الأزمات” القادر على ضبط الإيقاع، وفرض الانضباط، وإعادة الهيبة.—### **إنريكي: مدرب لا يُصالح… بل يُهيمن**شخصية لويس إنريكي لا تشبه أي مدرب آخر مرت به إدارة برشلونة. فهو ليس غوارديولا الهادئ، ولا فالفيردي التكتيكي، ولا سيتيين المرن، ولا حتى تشافي العاطفي. إنريكي هو “الجنرال”. يفرض نظامه بالحديد والنار. لا يساوم على الانضباط. لا يتسامح مع التقصير. ولا يخشى مواجهة النجوم.هذه السمات كانت سببًا في نجاحه، وكانت أيضًا سببًا في رحيله. ففي ولايته الأولى، دخل في صراعات مع ليونيل ميسي، ونيمار، وإبراهيموفيتش سابقًا، ومع الإدارة والإعلام. كان يُوصف بـ”الطاغية”، لكنه في المقابل كان يحقق النتائج.اليوم، وفي ظل غياب ميسي ونيمار، هل سيكون إنريكي أكثر ليونة؟ أم أن طبيعته الحازمة ستخلق صراعات جديدة مع لاعبين مثل جافي، أو لامين يامال، أو حتى روبرت ليفاندوفسكي؟السؤال الأكبر: هل الفريق الحالي – الشاب، المليء بالمواهب لكن الفاقد للخبرة والقيادة – يحتاج إلى “ديكتاتور” أم إلى “مربي”؟—### **تحديات لا تُستهان بها… أصعب من 2014**عندما تولى إنريكي تدريب برشلونة أول مرة عام 2014، ورث فريقًا يحتوي على ميسي، سواريز، نيمار، إنييستا، وبوسكيتس. اليوم، الفريق مختلف تمامًا. لا نجوم كبار بمستوى ذلك الثالوث. لا خبرة في خط الوسط. لا حارس موثوق دائمًا. ولا استقرار مالي يسمح له بإجراء صفقات نوعية.كما أن الضغوط اليوم أكبر. فبرشلونة لم يعد ذلك العملاق الذي يهابه الجميع. ريال مدريد يتفوق عليه محليًا وأوروبيًا. الغريم التقليدي أصبح الأقوى. وحتى الفرق المتوسطة تجرؤ على مواجهته بثقة.بالإضافة إلى ذلك، فإن الإعلام الكتالوني اليوم أكثر شراسة، ووسائل التواصل الاجتماعي حوّلت كل خطوة إلى قضية رأي عام. إنريكي، المعروف بعدم تحمّله للانتقادات، قد يجد نفسه في مواجهة يومية مع الجمهور قبل أن يواجه الخصوم في الملعب.—### **ماذا يريد إنريكي؟**حسب مصادر مقربة من المدرب الإسباني، فإن عودته إلى برشلونة ليست مسألة مال أو شهرة، بل “تحدٍ شخصي”. فهو يرغب في إثبات أنه لم يكن نتاج جيله الذهبي فقط، بل قادر على بناء جيل جديد بنفسه.كما أن لديه مشروعًا واضحًا: إعادة برشلونة إلى هويته الهجومية، مع تعزيز الجانب الدفاعي، والاستفادة من المواهب الشابة بطريقة منهجية وصارمة. وهو يؤمن بأن يامال، فودي، وفيرمين لوبيز يمكن أن يكونوا نواة لجيل جديد… لكن بشروطه هو.لكن الأهم: إنريكي يطلب ضمانات. ضمانات بإدارة رياضية تدعمه، وبميزانية تسمح له بتعزيز الفريق، وبصلاحيات كاملة في اختيار الجهاز الفني والطاقم الطبي وحتى في إدارة العلاقات الإعلامية. وهو لن يقبل أن يكون “موظفًا” كما كان الحال مع بعض أسلافه.—### **جماهير برشلونة… بين الحنين والخوف**ردود فعل الجماهير على فكرة عودة إنريكي متناقضة. فهناك من يراه المنقذ، الرجل القوي الذي سيُنهي عصر التخبط. وهناك من يخشاه، ويتذكر كيف غادر الفريق وهو يجرّ وراءه ذيول الخلافات.بعض المشجعين يقولون: “نعم، نحتاج إلى شخص يضع حدًا لفوضى تشافي”. وآخرون يحذرون: “لن يتحمّل الشباب أساليبه القاسية، وقد نفقد المواهب بسبب ضغوطه النفسية”.الأمر يشبه لعبة الروليت الروسية: إن نجح إنريكي، سيعود برشلونة إلى القمة، وسيُكتب له تاريخ جديد من المجد. وإن فشل، فقد يُعمّق الأزمة، ويُدخل النادي في نفق أطول من ذي قبل.—### **سيناريوهات العودة… وتوقيتها المحتمل**وفقًا للمعلومات المتداولة، فإن إدارة برشلونة تدرس إنهاء عقد تشافي بنهاية الموسم، لكنها قد تلجأ إلى الحل “المبكر” إذا استمر التراجع في النتائج. في هذه الحالة، قد يُعيّن إنريكي مديرًا فنيًا مؤقتًا حتى نهاية الموسم، ثم يُجدد له عقدًا طويل الأمد إذا نجح في تحقيق الأهداف.هناك أيضًا سيناريو آخر: أن يبدأ إنريكي مهمته رسميًا في الصيف المقبل، ليُحضّر الفريق للموسم الجديد من الصفر، مع معسكرات تدريبية، وصفقات مخطط لها، وهيكلة فنية جديدة.لكن في كل الأحوال، فإن القرار لن يكون سهلًا. فلابورتا يعرف أن تعيين إنريكي يعني الدخول في مغامرة كبيرة… قد تكون الأخيرة بالنسبة له كرئيس إذا انتهت بالفشل.—### **مقارنة مع فليك: لماذا إنريكي وليس هو؟**حديثًا، كان اسم هانزي فليك أحد المرشحين الأقوى لخلافة تشافي. المدرب الألماني ناجح، تكتيكي، وله تجربة مع بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا. لكنه يفتقر إلى شيء واحد: **معرفة برشلونة من الداخل**.إنريكي يعرف ثقافة النادي، يعرف كيف يتعامل مع الإعلام الكتالوني، يعرف طريقة اللعب التي يحبها الجمهور، ويعرف كيف يُدير النجوم (حتى لو كانت طريقته صارمة). فليك، مهما كان موهوبًا، سيحتاج إلى 6 أشهر على الأقل لفهم البيئة… وبرشلونة لا يملك هذا الوقت.بالإضافة إلى ذلك، فإن فليك مرتبط بعقد مع منتخب ألمانيا حتى يورو 2024، بينما إنريكي حرّ تمامًا، ويمكنه البدء فورًا.—### **مخاطر العودة… وخفايا لم تُكشف بعد**لا يجب تجاهل جانب نفسي مهم: إنريكي غادر برشلونة وهو يشعر بأنه لم يُقدّر كما يجب. هل عاد ليُثبت شيئًا للإدارة؟ أم للجماهير؟ أم لنفسه؟كما أن هناك أسئلة معلقة: كيف سيكون تعامله مع تشافي، الذي قد يبقى في النادي بدور آخر؟ وكيف سيكون موقفه من لاعبين مثل ديمبيلي أو كريستنسن، الذين لا يُعجبونه سابقًا؟والأهم: هل تغيّر إنريكي؟ أم أن السنوات التي قضاها مع منتخب إسبانيا (وخاصة تجربة اليورو وقطر 2022) جعلته أكثر نضجًا ومرونة؟تقارير إعلامية تقول إنه أصبح أكثر انفتاحًا على الحوار، وأكثر قدرة على إدارة غرفة الملابس دون صدامات. لكن هل هذا صحيح؟ أم أن “هدوته” مجرد واجهة لمرحلة انتقالية؟—### **الخلاصة: عودة إنريكي… رهان على الماضي لصناعة المستقبل**تعيين لويس إنريكي ليس قرارًا تكتيكيًا، بل هو قرار استراتيجي ومصيري. برشلونة لا يبحث عن مدرب مؤقت، بل عن ربان يقود السفينة في عاصفة. وإنريكي، بكل عيوبه وفضائله، هو الخيار الأكثر جرأة… والأكثر خطورة.فإذا نجح، سيُكتب له أن يكون الرجل الذي أنقذ برشلونة مرتين. وإذا فشل، فقد يكون الرجل الذي دفع النادي إلى حافة الهاوية.لكن في كرة القدم، كما في الحياة، لا مكان للخوف من المخاطر الكبيرة… إذا كان الثمن هو المجد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى