هاري كين يكتب التاريخ في ألمانيا: رقم قياسي جديد في البوندسليجا


في موسم استثنائي يُعيد تعريف النجاح الفردي في كرة القدم الألمانية، انفرد النجم الإنجليزي هاري كين برقم تاريخي مذهل في البوندسليجا، ليؤكد أن انتقاله إلى بايرن ميونيخ لم يكن مجرد صفقة ضخمة، بل بداية لحقبة جديدة من التألق والهيمنة الهجومية. الرقم الذي حققه كين لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة عمل دؤوب، انسجام سريع، وموهبة فطرية في تسجيل الأهداف وصناعة الفارق.
بداية قوية: كين يضرب منذ الجولة الأولى
منذ أول مباراة له بقميص بايرن ميونيخ، أظهر كين أنه جاء ليترك بصمة لا تُنسى. سجل في أولى مشاركاته، وواصل التهديف بوتيرة متصاعدة، حتى بات الرقم 9 في الفريق البافاري مرعبًا لكل دفاعات الدوري الألماني. لم يحتج كين إلى فترة تأقلم طويلة، بل اندمج سريعًا في منظومة توماس توخيل، وبدأ في تحطيم الأرقام القياسية واحدًا تلو الآخر.
الرقم التاريخي: أسرع لاعب يصل إلى 40 هدفًا في موسم واحد
الرقم الذي انفرد به كين هو وصوله إلى 40 هدفًا في موسم واحد من البوندسليجا، ليصبح أول لاعب في تاريخ الدوري الألماني يحقق هذا الإنجاز في موسمه الأول. هذا الرقم يتجاوز ما حققه أساطير مثل روبرت ليفاندوفسكي، غيرد مولر، وبيير إيميريك أوباميانغ، ويضع كين في مصاف الهدافين التاريخيين للبطولة، رغم أنه لم يُكمل موسمه الأول بعد.
كيف حقق كين هذا الإنجاز؟ قراءة في الأرقام
- عدد المباريات: شارك كين في 32 مباراة حتى الآن في الدوري.
- عدد الأهداف: سجل 40 هدفًا، بمعدل 1.25 هدف في المباراة.
- عدد التمريرات الحاسمة: ساهم بـ 12 تمريرة حاسمة، ما يعكس دوره الجماعي.
- عدد الهاتريك: سجل 5 مرات ثلاثية أهداف في مباراة واحدة.
- أهداف من خارج المنطقة: 9 أهداف، ما يدل على تنوع أساليبه في التسجيل.
هذه الأرقام لا تعكس فقط قدرة كين على التسجيل، بل تُظهر تنوعه التكتيكي، وقدرته على صناعة اللعب، والتحرك الذكي داخل وخارج منطقة الجزاء.
تأثير كين على بايرن ميونيخ: أكثر من مجرد هداف
وجود كين في بايرن ميونيخ غيّر شكل الفريق هجوميًا. لم يعد الفريق يعتمد فقط على الأطراف أو التمريرات العرضية، بل بات يملك مهاجمًا قادرًا على إنهاء الهجمات من لمسة واحدة، أو صناعة الفرص لزملائه. هذا التنوع منح المدرب توخيل مرونة تكتيكية، وساعد الفريق على استعادة هيبته محليًا وأوروبيًا.
كذلك، فإن تأثير كين امتد إلى غرفة الملابس، حيث يُعد قائدًا بالفطرة، ويمنح اللاعبين الشباب نموذجًا يُحتذى به في الالتزام والاحترافية.
المقارنة مع ليفاندوفسكي: من يخطف المجد؟
منذ رحيل روبرت ليفاندوفسكي عن بايرن ميونيخ، ظل الفريق يبحث عن بديل يُعوض أهدافه الغزيرة. ومع قدوم كين، بدا أن الفريق وجد ضالته. ورغم أن ليفاندوفسكي سجل 41 هدفًا في موسم واحد، إلا أن كين يملك فرصة لتجاوز هذا الرقم، خاصة مع تبقي عدة مباريات في الموسم.
المقارنة بين النجمين تُشعل النقاشات بين الجماهير، لكن ما لا يمكن إنكاره هو أن كين أعاد البريق إلى مركز المهاجم الصريح في البوندسليجا.
الإعلام يحتفي: الصحف الألمانية تتغنى بإنجازه
الصحف الألمانية لم تتأخر في الاحتفاء بإنجاز كين، حيث تصدرت صورته الصفحات الأولى، وتغنت بقدرته على التأقلم السريع، وتحقيق رقم تاريخي في وقت قياسي. صحيفة “بيلد” وصفت كين بأنه “الآلة الإنجليزية”، بينما اعتبرت “كيكر” أن كين أعاد تعريف مفهوم المهاجم في الدوري الألماني.
حتى الصحف الإنجليزية، التي كانت تتابع مسيرته في توتنهام، عادت لتسلط الضوء على نجاحه في ألمانيا، معتبرة أن انتقاله إلى بايرن كان القرار الأفضل في مسيرته.
الجماهير البافارية: كين أصبح أحدهم
جماهير بايرن ميونيخ، التي كانت مترددة في البداية بشأن صفقة كين، باتت تعتبره أحد رموز الفريق. الهتافات باسمه تملأ المدرجات، والقمصان التي تحمل رقمه تُباع بأرقام قياسية. هذا الاندماج السريع بين اللاعب والجمهور يُعد أحد أسباب نجاحه، ويمنحه دفعة معنوية كبيرة للاستمرار في تحطيم الأرقام.
كين والكرة الذهبية: هل يقترب من الحلم؟
مع هذا الرقم التاريخي، بدأ الحديث يتصاعد حول إمكانية ترشيح كين للكرة الذهبية. اللاعب لم يحقق بطولات كبرى بعد، لكن إن استمر في هذا المستوى، وساهم في تتويج بايرن بدوري الأبطال أو اليورو مع منتخب إنجلترا، فقد يجد نفسه ضمن قائمة المرشحين بقوة.
الكرة الذهبية لا تُمنح فقط للأهداف، بل للأثر الذي يتركه اللاعب، وكين يبدو أنه يسير بخطى ثابتة نحو المجد الفردي.
ماذا بعد الرقم؟ التحديات القادمة
رغم الإنجاز الكبير، فإن كين لا يبدو منشغلًا بالأرقام، بل يركز على تحقيق البطولات مع الفريق. بايرن ميونيخ ينافس على الدوري، الكأس، ودوري الأبطال، وكلها تتطلب تركيزًا عاليًا. كين يدرك أن الأرقام تُخلّد، لكن البطولات تُصنع المجد الحقيقي، ولهذا يواصل العمل بصمت، ويقود الفريق نحو الألقاب.
الختام: كين يكتب فصله الخاص في كتاب البوندسليجا
في نهاية المطاف، فإن الرقم التاريخي الذي حققه هاري كين في البوندسليجا ليس مجرد إنجاز فردي، بل هو فصل جديد يُكتب في تاريخ الدوري الألماني، ويُثبت أن النجوم لا تُصنع فقط في إسبانيا أو إنجلترا، بل يمكن أن تتألق في ميونيخ أيضًا.
كين، الذي جاء من توتنهام بحثًا عن المجد، وجد في بايرن ميونيخ منصة لصناعة التاريخ، وها هو اليوم ينفرد برقم مذهل، ويُثبت أن الطموح لا يعرف حدودًا، وأن الموهبة الحقيقية تفرض نفسها أينما حلّت.




