في موسم بدأ بالكثير من التساؤلات حول مستقبل برشلونة بعد رحيل عدد من النجوم، ظهر فيران توريس كواحد من أبرز مفاجآت الفريق، متألقًا بشكل لافت تحت قيادة المدرب الألماني هانز فليك، الذي يبدو أنه وجد المفتاح الحقيقي لإطلاق قدرات الجناح الإسباني. توريس، الذي عانى من فترات تذبذب في الأداء خلال المواسم السابقة، بات اليوم أحد أعمدة المشروع الكتالوني الجديد، وورقة هجومية لا غنى عنها في تشكيلة البلوجرانا.
بداية جديدة مع عقلية ألمانية
منذ تولي فليك قيادة برشلونة، ظهرت ملامح تغيير واضحة في طريقة اللعب، خاصة على مستوى التحولات الهجومية والضغط العالي. وبينما توقع كثيرون أن يعتمد المدرب على أسماء مثل رافينيا أو فاتي، جاء تألق توريس ليقلب التوقعات، ويثبت أن اللاعب يملك ما هو أكثر من مجرد سرعة أو مهارة فردية.
فليك، المعروف بقدرته على تطوير اللاعبين، منح توريس الثقة الكاملة، وسمح له بالتحرك بحرية بين الجناح والمهاجم الثاني، مما ساهم في رفع معدل مساهماته التهديفية وصناعة الفرص.
أرقام تتحدث
في أول خمس مباريات من الموسم، سجل توريس أربعة أهداف وصنع هدفين، وبلغ معدل تمريراته الصحيحة 88%، مع معدل مراوغات ناجحة بلغ 3.2 في المباراة الواحدة. هذه الأرقام تعكس تطورًا واضحًا في أداء اللاعب، خاصة من حيث الفاعلية أمام المرمى واتخاذ القرار في الثلث الأخير.
كما أن توريس بات أكثر انضباطًا تكتيكيًا، حيث يشارك في الضغط الجماعي، ويغلق المساحات عند فقدان الكرة، وهو ما كان يفتقده في المواسم السابقة.
فليك: يعرف كيف يستخرج الذهب
المدرب الألماني لا يكتفي بوضع الخطط، بل يملك قدرة فريدة على فهم شخصية اللاعب، وتوظيفه بما يتناسب مع نقاط قوته. في تصريحات صحفية، قال فليك: “فيران لاعب ذكي، يملك حسًا تهديفيًا عاليًا، ويعرف كيف يتحرك في المساحات. نحن نمنحه الحرية، وهو يرد بالأداء”.
هذا التفاهم بين المدرب واللاعب انعكس على أرض الملعب، حيث بات توريس أكثر ثقة، وأكثر رغبة في إثبات نفسه، خاصة بعد أن كان قريبًا من الرحيل في الصيف الماضي.
من لاعب احتياطي إلى نجم أول
قبل بداية الموسم، كانت التوقعات تشير إلى أن توريس سيكون خيارًا احتياطيًا، خاصة مع وجود أسماء مثل لامين يامال، أنسو فاتي، ورافينيا. لكن الأداء القوي في فترة الإعداد، ثم التألق في المباريات الرسمية، أجبر فليك على إعادة النظر، ومنح توريس دورًا أساسيًا في التشكيلة.
هذا التحول لم يكن فقط نتيجة الأداء، بل أيضًا نتيجة نضج ذهني واضح لدى اللاعب، الذي بات أكثر تركيزًا، وأكثر قدرة على التعامل مع الضغوط.
الجماهير تعود لتغني باسمه
في ملعب كامب نو، بدأت الجماهير تهتف باسم توريس من جديد، بعد أن كانت تنتقده في المواسم السابقة بسبب تذبذب المستوى. اليوم، بات اللاعب رمزًا للعودة، وللنجاح بعد الشك، وللإصرار على إثبات الذات.
على منصات التواصل، انتشرت صور وفيديوهات لتوريس وهو يحتفل بأهدافه، مع تعليقات مثل “فليك أعاد توريس للحياة”، و”هذا هو الجناح الذي نحتاجه”.
تحليل فني: لماذا تألق توريس؟
- التمركز الذكي: توريس يعرف كيف يتحرك بين الخطوط، ويستغل المساحات خلف الدفاع.
- التحولات السريعة: يمتاز بسرعته في الانتقال من الدفاع للهجوم، مما يناسب أسلوب فليك.
- الضغط العالي: يشارك بفاعلية في الضغط على حامل الكرة، ويستعيدها في مناطق متقدمة.
- التنوع الهجومي: يستطيع اللعب كجناح أيمن، أيسر، أو كمهاجم وهمي، مما يمنح فليك مرونة تكتيكية.
مستقبل توريس في برشلونة
إذا استمر توريس بهذا المستوى، فإنه سيكون أحد ركائز المشروع الجديد، خاصة أن الفريق يحتاج إلى لاعبين يجمعون بين المهارة والانضباط. كما أن تألقه قد يفتح الباب أمام تجديد عقده بشروط أفضل، ويمنحه مكانة أكبر داخل غرفة الملابس.
اللاعب نفسه صرّح مؤخرًا: “أشعر أنني في أفضل حالاتي، فليك منحني الثقة، وأنا أرد له ذلك في الملعب”.
مقارنة مع نجوم الجناح في الليغا
عند مقارنة توريس بلاعبين مثل فينيسيوس جونيور، نيكو ويليامز، أو رافينيا، نجد أن توريس يتفوق في بعض الجوانب:
- الفاعلية أمام المرمى: معدل تحويل الفرص إلى أهداف أعلى.
- الانضباط التكتيكي: يلتزم بالمهام الدفاعية والهجومية.
- المرونة في التمركز: لا يقتصر على مركز واحد.
هل يستمر هذا التوهج؟
الموسم طويل، والتحديات كثيرة، لكن إذا حافظ توريس على مستواه، واستمر فليك في دعمه، فإن اللاعب قد يكون أحد مفاجآت الموسم، وربما يدخل سباق الجوائز الفردية، أو حتى يصبح عنصرًا أساسيًا في المنتخب الإسباني في البطولات القادمة.
خاتمة
فيران توريس لم يعد ذلك اللاعب الذي يُنظر إليه كخيار احتياطي، بل بات نجمًا يلمع في سماء كتالونيا، تحت قيادة مدرب يعرف كيف يصنع الفارق. وبين الثقة، الأداء، والدعم الجماهيري، يبدو أن توريس وجد أخيرًا مكانه الحقيقي في برشلونة.
