لغز غياب راشفورد عن مواجهة خيتافي: بين القرار الفني والتكتيك الخفي


في مفاجأة غير متوقعة، غاب النجم الإنجليزي ماركوس راشفورد عن قائمة برشلونة التي واجهت خيتافي في الجولة الخامسة من الدوري الإسباني، الأمر الذي أثار تساؤلات واسعة بين الجماهير والمحللين، خاصة بعد الأداء القوي الذي قدمه اللاعب في المباريات السابقة. فهل كان الاستبعاد لأسباب فنية؟ أم أن هناك ما هو أبعد من ذلك؟
راشفورد: الصفقة التي قلبت الموازين
منذ انتقاله إلى برشلونة في صفقة أثارت ضجة إعلامية، أصبح راشفورد أحد أبرز عناصر الفريق الكتالوني، حيث أضاف بعدًا جديدًا للهجوم بفضل سرعته، قدرته على الاختراق، وتنوعه في اللعب على الأطراف والعمق. اللاعب سجل هدفين وصنع ثلاثة في أول أربع مباريات له، مما جعله من الركائز الأساسية في تشكيلة المدرب هانز فليك.
الاستبعاد المفاجئ: صدمة الجماهير
عشية المباراة، أعلن برشلونة تشكيلته الرسمية، وجاء غياب راشفورد عن القائمة بالكامل، وليس فقط عن التشكيل الأساسي، ليشكل صدمة للجماهير التي كانت تتوقع رؤيته في مواجهة خيتافي، خاصة أن المباراة كانت على أرضية ملعب يوهان كرويف وبين جماهير الفريق.
وسرعان ما بدأت التكهنات تتصاعد: هل تعرض لإصابة؟ هل هناك خلاف مع المدرب؟ أم أن القرار فني بحت؟
فليك يوضح: قرار تكتيكي
في المؤتمر الصحفي بعد المباراة، أوضح المدرب هانز فليك أن استبعاد راشفورد كان “قرارًا تكتيكيًا بحتًا”، مضيفًا: “نحن نواجه فريقًا يعتمد على التكتل الدفاعي والضغط في العمق، واخترنا لاعبين يمتلكون خصائص مختلفة تناسب هذا النوع من المباريات”.
هذا التصريح فتح بابًا جديدًا للنقاش، فهل فعلاً كان غياب راشفورد لأسباب تكتيكية؟ أم أن هناك ما لم يُقال؟
تحليل فني: هل كان القرار منطقيًا؟
من الناحية الفنية، واجه برشلونة فريقًا يعتمد على الدفاع المتأخر والضغط في وسط الملعب، وهو ما يتطلب لاعبين يجيدون اللعب بين الخطوط والتمرير القصير السريع. في هذا السياق، فضل فليك الاعتماد على داني أولمو وفيران توريس في الهجوم، وهما لاعبان يمتلكان قدرة أكبر على التحرك في المساحات الضيقة.
لكن راشفورد، رغم أنه لاعب يعتمد على المساحات، أثبت في مباريات سابقة أنه قادر على التكيف مع أنماط مختلفة من اللعب، مما يجعل استبعاده محل جدل.
خلف الكواليس: هل هناك توتر؟
بعض التقارير الصحفية أشارت إلى أن راشفورد لم يكن سعيدًا بعد استبداله في مباراة فالنسيا السابقة، حيث أظهر علامات انزعاج أثناء خروجه من الملعب. ورغم أن النادي لم يصدر أي بيان رسمي بهذا الخصوص، إلا أن هذه الإشارات قد تكون مؤشرًا على وجود توتر بسيط بين اللاعب والجهاز الفني.
مصادر مقربة من النادي نفت وجود أي خلاف، مؤكدة أن العلاقة بين فليك وراشفورد “مبنية على الاحترام المتبادل”، وأن اللاعب يتفهم قرارات المدرب حتى لو لم يتفق معها دائمًا.
تأثير الغياب على الفريق
رغم الفوز بثلاثية نظيفة، إلا أن غياب راشفورد أثر على تنوع الهجوم، حيث افتقد الفريق للسرعة في التحولات الهجومية، خاصة في الشوط الأول. وجوده كان سيمنح برشلونة خيارًا إضافيًا في الهجوم المرتد، وهو ما افتقده الفريق أمام خيتافي.
الجماهير تتفاعل: دعم وانتقاد
على منصات التواصل الاجتماعي، انقسمت آراء الجماهير بين من يدعم قرار فليك باعتباره مدربًا يعرف ما يفعل، وبين من يرى أن استبعاد راشفورد غير مبرر، خاصة في ظل جاهزيته البدنية والفنية.
أحد المشجعين كتب: “راشفورد هو اللاعب الذي يصنع الفارق، لا يمكن أن يكون خارج القائمة في مباراة مهمة”، بينما رد آخر: “فليك يعرف كيف يدير الفريق، وثلاثية اليوم تؤكد صحة قراراته”.
راشفورد يرد بصمت
اللاعب نفسه لم يصدر أي تعليق رسمي بعد المباراة، واكتفى بنشر صورة له من التدريبات على حسابه في إنستغرام مع تعليق مقتضب: “العمل مستمر”. هذا الصمت فُسر على أنه احترام لقرار المدرب، لكنه أيضًا يفتح المجال للتأويلات.
ما القادم؟
برشلونة سيواجه ريال أوفييدو في الجولة المقبلة، ومن المتوقع أن يعود راشفورد إلى التشكيلة، خاصة أن الفريق سيحتاج إلى تنوع هجومي أكبر. المباراة ستكون اختبارًا جديدًا لعلاقة اللاعب بالمدرب، ولقدرة الفريق على الحفاظ على نسقه التصاعدي.
قراءة تكتيكية أعمق
- المرونة التكتيكية: فليك يسعى لبناء فريق متعدد الحلول، وقد يكون استبعاد راشفورد جزءًا من خطة لتجربة خيارات جديدة.
- إدارة النجوم: المدرب الألماني معروف بقدرته على إدارة اللاعبين الكبار، وقد يكون الهدف من الاستبعاد هو إرسال رسالة تكتيكية وليس عقابية.
- التحضير للمباريات الكبرى: بعض المحللين يرون أن فليك يحاول إراحة راشفورد استعدادًا لمواجهات أكثر صعوبة في الأسابيع المقبلة.
خاتمة
غياب ماركوس راشفورد عن مواجهة خيتافي فتح بابًا واسعًا للتكهنات، لكنه أيضًا كشف عن عمق التفكير التكتيكي لدى المدرب هانز فليك. وبين القرار الفني والتكتيك الخفي، يبقى راشفورد عنصرًا لا غنى عنه في مشروع برشلونة الجديد، والعودة إلى التشكيلة تبدو مسألة وقت لا أكثر.




