العمري في مرمى الانتقادات.. هل يواجه النجم النصراوي عزلة جماهيرية؟


المقالة:
في زمن أصبحت فيه الجماهير أكثر تأثيرًا من أي وقت مضى، لم يعد اللاعبون محصنين من موجات الغضب التي قد تشتعل بسبب تصريح، تصرف، أو حتى تلميح. هذا ما يعيشه حالياً عبدالإله العمري، مدافع نادي النصر السعودي، الذي وجد نفسه فجأة في قلب عاصفة جماهيرية، بعد سلسلة من الأحداث التي رسمت صورة اللاعب “المتمرد”، وأثارت تساؤلات حول مستقبله داخل أسوار العالمي.
الشرارة الأولى: غياب غير مبرر
بدأت الأزمة حين غاب العمري عن تدريبات الفريق دون إذن مسبق، في وقت حساس من الموسم، حيث يستعد النصر لخوض مواجهات مصيرية في الدوري ودوري أبطال آسيا. هذا الغياب أثار استغراب الجهاز الفني، ودفع الإدارة إلى فتح تحقيق داخلي لمعرفة الأسباب، وسط تكتم إعلامي واضح.
الجماهير، التي تتابع كل صغيرة وكبيرة، لم تنتظر البيان الرسمي، بل بدأت في طرح تساؤلاتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، متهمة اللاعب بعدم الانضباط، ومطالبة بإجراءات صارمة تحفظ هيبة النادي.
تصرفات مثيرة للجدل
لم تكن هذه الحادثة الأولى التي تضع العمري في دائرة الجدل، فقد سبق له أن أثار استياء الجماهير بتصريحات اعتُبرت مستفزة، حين تحدث عن “عدم شعوره بالراحة” في بعض المباريات، ملمحًا إلى خلافات داخلية دون أن يوضحها. كما نشر عبر حسابه في إنستغرام صورة غامضة تحمل عبارة “الاحترام لا يُطلب.. يُفرض”، ما اعتبره البعض رسالة مبطنة للإدارة أو الجهاز الفني.
هذه التصرفات المتكررة رسمت صورة اللاعب الذي لا يخضع للمنظومة، بل يسير وفق مزاجه الخاص، وهو أمر لا تتسامح معه جماهير النصر التي ترى في الانضباط والولاء للنادي خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها.
رد فعل الإدارة
إدارة النصر، بقيادة مسلي آل معمر، حاولت احتواء الأزمة بهدوء، دون تصعيد إعلامي، لكنها في الوقت ذاته اتخذت إجراءات داخلية، شملت استبعاد العمري من قائمة إحدى المباريات، وتغريمه ماليًا وفقًا للائحة الانضباط. هذا الرد الحازم جاء ليؤكد أن النادي لا يتهاون مع أي تصرف يخل بالاحترافية، مهما كان اسم اللاعب أو مكانته.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تكفي هذه الإجراءات لتهدئة الجماهير؟ وهل يستطيع العمري استعادة ثقتهم بعد أن اهتزت صورته في أعينهم؟
الجماهير بين الغضب والخذلان
ردود فعل الجماهير كانت حادة، حيث امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات تطالب برحيل اللاعب، أو على الأقل تجميده حتى نهاية الموسم. البعض اعتبر أن العمري لم يعد يمثل قيم النصر، وأن استمراره قد يؤثر على وحدة الفريق، خاصة في ظل وجود لاعبين شباب ينتظرون فرصتهم بإخلاص.
في المقابل، ظهرت أصوات قليلة تدعو إلى التريث، معتبرة أن اللاعب يمر بمرحلة نفسية صعبة، وأن الضغط الجماهيري قد يكون سببًا في تصرفاته. هذه الأصوات طالبت بمنحه فرصة للتوضيح والاعتذار، لكن تأثيرها ظل محدودًا أمام موجة الغضب العارمة.
الجانب النفسي للاعب
عبدالإله العمري، الذي يُعد من أبرز المدافعين السعوديين في السنوات الأخيرة، يعيش الآن فترة حرجة في مسيرته. اللاعب الذي تألق في كأس العالم 2022، وكان أحد أعمدة المنتخب الوطني، بات يواجه تحديًا من نوع مختلف: تحدي استعادة الثقة، داخل الملعب وخارجه.
الضغط النفسي الناتج عن الانتقادات الجماهيرية، والتوتر داخل النادي، قد يؤثر على مستواه الفني، ويضعه في حالة من التردد والارتباك. لذلك، فإن الدعم النفسي من الجهاز الفني والإداري سيكون ضروريًا، إذا ما أراد النادي استعادة النسخة الأفضل من العمري.
هل من طريق للعودة؟
العودة إلى قلوب الجماهير ليست مستحيلة، لكنها تتطلب خطوات واضحة وصادقة. أولها الاعتذار العلني، وثانيها الالتزام الكامل بالتدريبات والانضباط، وثالثها تقديم أداء قوي يعيد الثقة المفقودة. العمري يمتلك الإمكانيات الفنية، لكن عليه أن يُثبت أنه يمتلك أيضًا النضج والوعي الكافي لتجاوز هذه المرحلة.
في تاريخ النصر، مرّ لاعبون بأزمات مشابهة، لكن بعضهم استطاع العودة أقوى، والبعض الآخر اختفى تدريجيًا. العمري الآن أمام مفترق طرق، والقرار بيده.
النصر.. بين الاحتراف والهوية
نادي النصر، الذي يُعد من أعرق الأندية السعودية، لا يملك رفاهية التهاون في مثل هذه المواقف. فالجمهور يعتبر الشعار خطًا أحمر، والانتماء للنادي ليس مجرد عقد، بل هو التزام أخلاقي وسلوكي. الإدارة مطالبة الآن باتخاذ قرارات تحفظ هيبة النادي، دون أن تُغلق الباب أمام المصالحة، إذا ما أبدى اللاعب رغبة حقيقية في العودة.
خاتمة
عبدالإله العمري يعيش لحظة مفصلية في مسيرته، بين غضب الجماهير، وحزم الإدارة، وغموض موقفه الشخصي. اللاعب الذي كان يومًا ما رمزًا للصلابة الدفاعية، بات الآن في مرمى الانتقادات، ويحتاج إلى أكثر من مجرد بيان لتجاوز الأزمة.
هل يعتذر؟ هل يرحل؟ هل يعود أقوى؟ كلها أسئلة مفتوحة، لكن المؤكد أن الجماهير لا تنسى، وأن الطريق إلى قلوبهم يبدأ بالصدق والانضباط.




