فينيسيوس جونيور بين المدريدية والرحيل: هل يكتب الشتاء نهاية القصة؟


منذ أن وطأت قدماه ملعب سانتياغو برنابيو، كان فينيسيوس جونيور أكثر من مجرد موهبة واعدة؛ كان مشروع نجم عالمي، ورمزًا لجيل جديد من اللاعبين الذين يجمعون بين السرعة، المهارة، والجرأة. لكن في شتاء 2025، بدأت تتصاعد الأحاديث حول إمكانية رحيله عن ريال مدريد، في خطوة قد تهز أركان النادي الملكي وتعيد تشكيل ملامح مشروعه الرياضي.
بداية القصة: من ريو دي جانيرو إلى مدريد
وصل فينيسيوس إلى ريال مدريد عام 2018 قادمًا من فلامنغو، وهو لا يزال في عمر الـ18، وسط ضجة إعلامية كبيرة وتوقعات هائلة. لم تكن البداية سهلة، فقد واجه انتقادات بسبب عدم النضج التكتيكي وإهدار الفرص، لكنه سرعان ما تطور تحت قيادة المدربين المتعاقبين، خاصة كارلو أنشيلوتي، الذي منحه الثقة الكاملة.
موسم الانفجار: فينيسيوس يصبح نجمًا عالميًا
في موسم 2021–2022، انفجر فينيسيوس بشكل مذهل، وساهم بشكل مباشر في فوز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا، حيث سجل هدف الفوز في النهائي ضد ليفربول. أصبح حينها أحد أعمدة الفريق، وشكل ثنائيًا مرعبًا مع كريم بنزيما، قبل أن يتحول إلى قائد هجومي بعد رحيل الأخير.
التوترات الأخيرة: هل تغيرت المعادلة؟
رغم الأداء الجيد في المواسم التالية، بدأت تظهر مؤشرات على توتر العلاقة بين فينيسيوس وبعض عناصر النادي. تقارير صحفية تحدثت عن خلافات داخلية، وشعور اللاعب بعدم التقدير الكافي من الإدارة، خاصة بعد التعاقد مع كيليان مبابي في صيف 2024، والذي أعاد ترتيب الأولويات الهجومية في الفريق.
فينيسيوس، الذي اعتاد أن يكون النجم الأول، وجد نفسه في ظل مبابي، وسط تغيرات تكتيكية قللت من تأثيره في بعض المباريات. كما أن تعرضه لبعض الإصابات، وتراجع مستواه في فترات معينة، جعله عرضة للانتقادات من الصحافة والجماهير.
تصريحات غامضة وإشارات الرحيل
في أكثر من مناسبة، أطلق فينيسيوس تصريحات تحمل نبرة غموض، مثل “أريد أن أشعر بأنني مهم”، و”كل لاعب يحتاج إلى الحب والثقة”. هذه العبارات، وإن بدت عابرة، إلا أنها فتحت باب التأويلات حول رغبته في تغيير الأجواء، خاصة مع اهتمام أندية كبرى مثل باريس سان جيرمان، مانشستر سيتي، وتشيلسي بالتعاقد معه.
يناير: نافذة الرحيل المحتملة
الحديث عن رحيل فينيسيوس في يناير ليس مجرد شائعة، بل أصبح موضوعًا ساخنًا في الصحافة الإسبانية والعالمية. بعض التقارير تشير إلى أن اللاعب يدرس الخيارات المتاحة، ويضع شروطًا واضحة للبقاء، منها ضمان دوره القيادي في الفريق، وتحسين عقده المالي بما يتناسب مع مكانته.
من جهة أخرى، فإن إدارة ريال مدريد تبدو حذرة في التعامل مع الملف، فهي تدرك قيمة فينيسيوس الفنية والتسويقية، لكنها أيضًا لا تريد خلق صراعات داخلية تؤثر على استقرار الفريق، خاصة في ظل المنافسة الشرسة على البطولات.
الأبعاد النفسية: اللاعب بين الطموح والهوية
فينيسيوس ليس مجرد لاعب يبحث عن المال أو الألقاب، بل هو شخصية عاطفية ترتبط بالهوية والانتماء. لطالما عبّر عن حبه لريال مدريد، ونشر صورًا تعكس ارتباطه بالجماهير والمدينة. لكن في الوقت نفسه، هو لاعب طموح يريد أن يكون في قلب المشروع، لا على هامشه.
هذا الصراع الداخلي بين الحب والطموح، بين الانتماء والرغبة في التألق، هو ما يجعل قرار الرحيل معقدًا. فهو يدرك أن مغادرة مدريد تعني التخلي عن حلم الطفولة، لكنها قد تكون أيضًا خطوة نحو استعادة التألق الكامل في بيئة جديدة.
تأثير الرحيل المحتمل على ريال مدريد
رحيل فينيسيوس في منتصف الموسم سيكون ضربة قوية لريال مدريد، خاصة أن الفريق يعتمد عليه في خلق المساحات، اختراق الدفاعات، وإحداث الفارق في المباريات الكبرى. كما أن خسارته ستؤثر على التوازن الهجومي، وتضع ضغطًا إضافيًا على مبابي، رودريغو، وبقية العناصر.
من الناحية التسويقية، فإن فينيسيوس يُعد أحد أبرز وجوه النادي في أمريكا الجنوبية، وله شعبية جارفة في البرازيل، مما يجعل رحيله خسارة على أكثر من صعيد.
البدائل المحتملة: من يعوض فينيسيوس؟
في حال قرر فينيسيوس الرحيل، فإن ريال مدريد سيضطر إلى التحرك سريعًا في سوق الانتقالات. بعض الأسماء المطروحة تشمل رافا لياو من ميلان، كول مواني من باريس، وحتى محمد صلاح الذي ينتهي عقده مع ليفربول في يونيو 2025.
لكن الحقيقة أن تعويض فينيسيوس ليس بالأمر السهل، فأسلوبه الفريد، وقدرته على اللعب في المساحات الضيقة، تجعله لاعبًا نادرًا، لا يمكن استبداله بسهولة.
الجماهير بين الصدمة والدعم
جماهير ريال مدريد تعيش حالة من الانقسام، بين من يرى أن فينيسيوس بالغ في مطالبه، ومن يدافع عنه ويعتبره ضحية لتغيرات المشروع. على مواقع التواصل، تنتشر حملات دعم للاعب، وأخرى تطالب الإدارة بالحسم، مما يعكس حجم التأثير الذي يملكه فينيسيوس في قلوب المدريديين.
ختامًا: هل يكتب الشتاء نهاية القصة؟
الأسابيع القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير فينيسيوس جونيور. هل يختار البقاء ويعيد بناء الثقة؟ أم يفتح صفحة جديدة في مسيرته بعيدًا عن مدريد؟ القرار لن يكون سهلًا، لكنه سيشكل نقطة تحول في مسيرة اللاعب، وفي مشروع ريال مدريد ككل.
في النهاية، تبقى كرة القدم لعبة مشاعر بقدر ما هي لعبة تكتيك، وفينيسيوس هو أحد أبرز رموز هذه المعادلة المعقدة.




