ساديو ماني يتحدث من القلب: السعودية غيّرت نظرتي للحياة والكرة


المقالة:
في حديث إنساني بعيد عن صخب الملاعب وضجيج المنافسات، كشف النجم السنغالي ساديو ماني عن تجربة شخصية لا ينساها منذ انتقاله إلى المملكة العربية السعودية، مؤكدًا أن رحلته مع نادي النصر لم تكن مجرد محطة كروية، بل تجربة حياتية غيّرت الكثير من مفاهيمه، وأضافت له أبعادًا جديدة في فهم الثقافة، الجماهير، وحتى نفسه كلاعب وإنسان.
ماني، الذي انضم إلى النصر في صيف 2023 قادمًا من بايرن ميونيخ، لم يكن يتوقع أن يجد في السعودية ما وجده من دفء، احترام، وتقدير، سواء من الجماهير أو من البيئة المحيطة. وفي مقابلة إعلامية مؤثرة، تحدث عن لحظة خاصة عاشها في المملكة، وصفها بأنها “من أكثر اللحظات التي أثرت فيّ وجعلتني أعيد التفكير في كل شيء”.
الاستقبال الذي لا يُنسى
بدأ ماني حديثه بالإشارة إلى أول يوم له في الرياض، حين وصل إلى مطار الملك خالد الدولي، ليجد آلاف الجماهير في استقباله، يحملون الأعلام، يرددون الهتافات، ويرتدون قميص النصر. قال: “كنت أظن أنني سأصل بهدوء، لكن ما رأيته فاق كل توقعاتي. شعرت أنني عدت إلى داكار، إلى أهلي، إلى من يحبونني دون شروط.”
هذه اللحظة، كما وصفها، كانت بداية تحول داخلي، حيث أدرك أن كرة القدم في السعودية ليست مجرد رياضة، بل شغف يومي، وهوية ثقافية، ووسيلة للتواصل بين الناس.
الروح الجماهيرية
ماني تحدث أيضًا عن الجماهير السعودية، واصفًا إياها بأنها “من أكثر الجماهير حماسًا واحترامًا في العالم”. أشار إلى أن تفاعلهم لا يقتصر على المدرجات، بل يمتد إلى الحياة اليومية، حيث يلتقي بهم في المطاعم، في الشوارع، في المساجد، ويجد منهم كلمات دعم ومحبة، دون أي تجاوز أو ضغط.
قال: “في أوروبا، الجماهير تطالبك دائمًا بالفوز، ولا ترحمك عند الخطأ. هنا، وجدت جمهورًا يحبك لأنك تحترمهم، لأنك تبذل جهدك، وليس فقط لأنك تسجل الأهداف.”
الجانب الديني والروحي
من أبرز ما تحدث عنه ماني في تجربته السعودية، هو الجانب الروحي والديني. اللاعب المسلم وجد في المملكة بيئة تساعده على ممارسة شعائره بكل راحة، بل وتمنحه شعورًا بالطمأنينة والسكينة. قال: “الصلاة في المسجد القريب من منزلي، سماع الأذان خمس مرات في اليوم، كل هذا أعاد لي توازني الداخلي.”
ماني أشار إلى أن هذا الجانب كان من أهم أسباب شعوره بالراحة النفسية، وأنه ساعده على التركيز في الملعب، والتعامل مع الضغوط بشكل أكثر نضجًا.
التجربة الفنية
على الصعيد الفني، أكد ماني أن الدوري السعودي فاجأه بمستواه العالي، وبالاحترافية التي وجدها في نادي النصر. قال: “الناس في أوروبا لا يعرفون حجم التطور هنا. الملاعب ممتازة، التنظيم رائع، واللاعبون يمتلكون مهارات كبيرة.”
وأضاف أن اللعب بجانب نجوم مثل كريستيانو رونالدو، مارسيلو بروزوفيتش، وأيمن يحيى، منحه تحديًا جديدًا، وساعده على تطوير بعض الجوانب في أدائه، خاصة في التمركز وصناعة اللعب.
اللحظة التي لا تُنسى
حين سُئل عن أكثر لحظة لا ينساها في السعودية، قال ماني: “كانت بعد مباراة النصر والهلال، حين خسرنا بهدف قاتل. عدت إلى المنزل حزينًا، لكنني وجدت مجموعة من الأطفال ينتظرونني أمام البوابة، يحملون رسائل مكتوبة بخط اليد، يقولون فيها: نحن نحبك حتى لو خسرنا.”
هذه اللحظة، كما وصفها، كانت نقطة تحول في نظرته للكرة، حيث أدرك أن الحب الحقيقي لا يُقاس بالنتائج، بل بالصدق، والانتماء، والاحترام المتبادل.
العمل الخيري في السعودية
ماني، المعروف بأعماله الخيرية في السنغال، وجد في السعودية بيئة داعمة لهذا الجانب أيضًا. شارك في عدة مبادرات مجتمعية، منها دعم الأطفال المرضى، وزيارة دور الأيتام، والمشاركة في حملات التوعية الصحية. قال: “الناس هنا يحبون الخير، ويشجعون عليه. شعرت أنني بين أهلي، وأن رسالتي يمكن أن تستمر هنا أيضًا.”
الرسالة إلى العالم
في ختام حديثه، وجّه ماني رسالة إلى اللاعبين العالميين الذين يترددون في القدوم إلى السعودية، قال فيها: “لا تحكموا من بعيد. تعالوا وشاهدوا بأنفسكم. هنا، ستجدون كرة قدم حقيقية، وجمهورًا رائعًا، وحياة متوازنة بين الاحتراف والروح.”
وأضاف أن السعودية ليست فقط وجهة رياضية، بل تجربة إنسانية تستحق أن تُعاش، وأنه يشعر بالفخر لأنه جزء من هذا التحول الكبير.
خاتمة
تجربة ساديو ماني في السعودية تتجاوز حدود الملعب، لتصبح قصة إنسانية ملهمة، عنوانها الاحترام، الانتماء، والتغيير. اللاعب الذي جاء من ميونيخ، وجد في الرياض ما لم يجده في أوروبا: جمهور يحبك بصدق، بيئة تمنحك الطمأنينة، وفرصة لتكون أكثر من مجرد لاعب.
وفي زمن تتسارع فيه التحولات، تبقى كلمات ماني تذكيرًا بأن كرة القدم ليست فقط أهدافًا ومباريات، بل أيضًا تجارب تُغيّر الإنسان من الداخل، وتمنحه فرصة لرؤية العالم من زاوية جديدة.




