مقدمة: حين يصبح النجم تحديًا
في كرة القدم، يُصنع المجد حين تتوحد الإرادة بين المدرب واللاعبين، لكن ماذا لو كان النجم الأبرز هو مصدر الانقسام؟ هذا هو التحدي الذي ينتظر سيرجيو كونسيساو، المدرب البرتغالي الجديد لنادي اتحاد جدة، في أولى خطواته داخل غرفة ملابس تعج بالموهبة، لكنها مثقلة بتاريخ من الصدامات. كريم بنزيما، القادم من ريال مدريد وسط ضجة عالمية، لم يكن مجرد صفقة تاريخية، بل أصبح “الاسم الثقيل” الذي أطاح بثلاثة مدربين في أقل من عام.
الفصل الأول: من مدريد إلى جدة.. بداية الحلم
حين أعلن اتحاد جدة تعاقده مع كريم بنزيما في صيف 2023، بدا الأمر وكأنه بداية لعصر جديد. النجم الفرنسي، الحاصل على الكرة الذهبية، جاء ليقود مشروعًا طموحًا في دوري روشن السعودي، ويمنح الفريق بعدًا عالميًا. لكن سرعان ما تحوّل الحلم إلى اختبار، ليس فقط على أرض الملعب، بل داخل أروقة النادي، حيث بدأت ملامح التوتر تظهر بينه وبين الجهاز الفني.
الفصل الثاني: نونو سانتو.. شرارة الأزمة
المدرب البرتغالي نونو سانتو كان أول من اصطدم ببنزيما. رغم قيادته الفريق لتحقيق لقبي الدوري وكأس السوبر، إلا أن الخلافات الداخلية كانت تتفاقم. بعد خسارة أمام القوة الجوية العراقي، انفجرت الأزمة في غرفة الملابس، حيث اتهم سانتو بنزيما بعدم الانسجام مع المجموعة، ليرد الأخير بعنف لفظي أمام زملائه. العلاقة انهارت، والإقالة كانت حتمية.
الفصل الثالث: جاياردو.. الانضباط لا يكفي
مارسيلو جاياردو، المدرب الأرجنتيني، حاول فرض الانضباط منذ يومه الأول، لكنه اصطدم سريعًا ببنزيما. تأخر اللاعب في العودة من إجازته الشتوية، فقرر جاياردو استبعاده من معسكر دبي، وسحب منه شارة القيادة. القرار كان بمثابة إعلان حرب، ومع تصاعد التوتر، جاءت الإقالة في مايو 2024. بنزيما احتفل برحيل مدربه بنشر فيديو لأهدافه، في رسالة واضحة: “أنا هنا، مهما تغير المدرب”.
الفصل الرابع: بلان.. سقوط الفرنسي أمام الفرنسي
حتى لوران بلان، مواطن بنزيما، لم ينجُ من لعنة النجم المدريدي السابق. رغم التتويج بلقبي الدوري وكأس الملك، إلا أن العلاقة بينهما توترت تدريجيًا. بلان لم يكن راضيًا عن تأثير بنزيما في غرفة الملابس، وواجه صعوبة في فرض سلطته الفنية. ورغم نفي الإدارة تدخل اللاعب في قرار الإقالة، إلا أن الشكوك بقيت حاضرة.
الفصل الخامس: كونسيساو يدخل المشهد
الآن، يدخل سيرجيو كونسيساو المشهد بعقد طويل يمتد حتى يونيو 2028، في خطوة تعكس رغبة الإدارة في بناء مشروع مستقر. المدرب البرتغالي ظهر في فيديو تقديمي وهو يلعب الشطرنج، في لقطة رمزية تعكس فلسفته القائمة على التخطيط والذكاء. لكنه يدرك أن ما ينتظره في جدة ليس مجرد مباراة شطرنج، بل معركة نفسية عنوانها: كيف يتعامل مع كريم بنزيما؟
الفصل السادس: فلسفة كونسيساو.. بين الصدام والاحتواء
كونسيساو معروف بشخصيته الصلبة، وقدرته على إدارة النجوم، كما فعل سابقًا مع بورتو. لكن التعامل مع بنزيما يتطلب أكثر من الحزم، بل ذكاء عاطفي، وقراءة دقيقة لنفسية لاعب اعتاد أن يكون محور المشروع. هل ينجح كونسيساو في احتواء النجم الفرنسي؟ أم يدخل في صدام جديد يعيد سيناريو المدربين السابقين؟
الفصل السابع: بنزيما.. اللاعب والقائد والظل
منذ وصوله إلى الاتحاد، لم يكن بنزيما مجرد مهاجم، بل قائد فعلي داخل غرفة الملابس. تأثيره يتجاوز الملعب، ويصل إلى قرارات فنية وإدارية. البعض يرى فيه “صاحب الكلمة الخفية”، بينما يراه آخرون ضحية لمدربين لم يفهموا شخصيته. في كل الأحوال، وجوده يشكل تحديًا لأي مدرب، خاصة إذا لم تُحدد الأدوار بوضوح.
الفصل الثامن: الإدارة بين الحسم والمجاملة
إدارة الاتحاد وجدت نفسها مرارًا في موقف حرج، بين دعم المدرب واحترام النجم. في كل مرة، كانت الإقالة هي الحل الأسهل، لكن ذلك لم يمنح الفريق الاستقرار. التعاقد مع كونسيساو بعقد طويل قد يكون محاولة لكسر هذه الحلقة، لكن نجاح المشروع يتطلب موقفًا واضحًا من الإدارة: من يملك القرار الفني؟ المدرب أم اللاعب؟
الفصل التاسع: الجماهير.. بين الحلم والقلق
جماهير الاتحاد تعيش حالة من الترقب. من جهة، تتمنى أن ينجح كونسيساو في إعادة الفريق إلى منصات التتويج؛ ومن جهة أخرى، تخشى من تكرار سيناريو الصدام مع بنزيما. النجم الفرنسي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة، لكن تكرار الأزمات جعل البعض يتساءل: هل يستحق اللاعب كل هذا النفوذ؟ وهل يمكن بناء فريق متماسك في ظل هذه الانقسامات؟
الفصل العاشر: هل يكسر كونسيساو اللعنة؟
السؤال الأهم الآن: هل ينجح كونسيساو في كسر “لعنة بنزيما”؟ الإجابة لا تعتمد فقط على النتائج، بل على قدرته في إدارة العلاقات، وفرض فلسفته دون الدخول في صدامات. عليه أن يوازن بين احترام تاريخ اللاعب، وفرض سلطته كمدرب. فالاتحاد لا يحتاج إلى نجم واحد، بل إلى منظومة جماعية تقود الفريق نحو المجد.
خاتمة: الاتحاد أمام مفترق طرق
قصة كريم بنزيما في اتحاد جدة ليست مجرد حكاية لاعب ومدرب، بل مرآة تعكس تحديات الأندية العربية في التعامل مع النجوم العالميين. كونسيساو يدخل المشهد في لحظة حساسة، وعليه أن يثبت أن الذكاء لا يكمن فقط في تحريك القطع على رقعة الشطرنج، بل في تحريك النفوس داخل غرفة الملابس. فهل يكون هو المدرب الذي يكسر اللعنة؟ أم يضاف اسمه إلى قائمة الضحايا؟
