البرتغال تحسم المواجهة أمام آيرلندا وتواصل طريقها نحو المونديال


مقدمة: ليلة تأكيد الهيمنة في لشبونة
في أمسية كروية أوروبية على ملعب “جوزيه ألفالادي” في العاصمة البرتغالية لشبونة، استضاف منتخب البرتغال نظيره الآيرلندي ضمن الجولة الثالثة من التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026. المباراة التي انتظرها عشاق الكرة البرتغالية جاءت لتؤكد أن كتيبة المدرب روبرتو مارتينيز تسير بثبات نحو التأهل، وسط تألق لافت من النجوم الكبار، وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو، الذي قاد الهجوم في ليلة شهدت حضورًا جماهيريًا كبيرًا.
خلفية اللقاء: صدارة تبحث عن تثبيت
قبل انطلاق المباراة، كان المنتخب البرتغالي يتصدر المجموعة السادسة برصيد 6 نقاط من فوزين على أرمينيا والمجر، بينما كانت آيرلندا تقبع في المركز الأخير بنقطة يتيمة من تعادل مع المجر وهزيمة أمام أرمينيا. الفارق في المستوى والتاريخ بين المنتخبين كان واضحًا، لكن كرة القدم لا تعترف بالأسماء، وهو ما دفع البرتغاليين إلى دخول اللقاء بتركيز عالٍ لتجنب المفاجآت.
الشوط الأول: ضغط برتغالي وهدف مبكر
منذ اللحظات الأولى، فرض المنتخب البرتغالي سيطرته على مجريات اللعب. التمريرات القصيرة، والتحركات الذكية بين الخطوط، والضغط العالي على حامل الكرة، كلها عناصر جعلت آيرلندا تتراجع إلى مناطقها الدفاعية. في الدقيقة 14، افتتح برونو فيرنانديز التسجيل بعد تمريرة عرضية من نونو مينديش، سددها بقوة في الزاوية اليمنى للحارس الآيرلندي.
الهدف المبكر منح البرتغال أفضلية نفسية، وواصل الفريق الضغط، خاصة عبر الأطراف، حيث تألق نيلسون سيميدو في الرواق الأيمن، وخلق عدة فرص لمهاجمي الفريق. كريستيانو رونالدو، رغم الرقابة اللصيقة، كاد أن يسجل في الدقيقة 30 من رأسية مرت بجوار القائم.
الشوط الثاني: تأكيد التفوق وتسجيل الأهداف
مع بداية الشوط الثاني، لم يتغير السيناريو كثيرًا. البرتغال واصلت الضغط، وآيرلندا اكتفت بالدفاع. في الدقيقة 55، سجل جواو فيليكس الهدف الثاني بعد تمريرة بينية رائعة من برناردو سيلفا، انفرد على إثرها بالحارس وسدد الكرة بهدوء في الشباك.
وفي الدقيقة 72، أضاف كريستيانو رونالدو الهدف الثالث من ركلة جزاء حصل عليها بنفسه بعد تدخل عنيف من مدافع آيرلندا. رونالدو نفذ الركلة بثقة، رافعًا رصيده من الأهداف الدولية، ومؤكدًا أنه لا يزال عنصرًا حاسمًا في تشكيلة البرتغال.
أداء اللاعبين: انسجام وتنوع في الحلول
المنتخب البرتغالي قدم أداءً جماعيًا مميزًا، حيث ظهر الانسجام بين الخطوط الثلاثة. دييغو كوستا في حراسة المرمى كان حاضرًا في اللحظات الحاسمة، بينما شكل الثنائي الدفاعي روبن دياز وفيغا جدارًا صلبًا أمام الهجمات الآيرلندية. في الوسط، تألق فيتينيا وجواو نيفيش في استرجاع الكرات وبناء الهجمات، بينما كان برناردو سيلفا وبرونو فيرنانديز مصدر الإبداع.
الهجوم بقيادة رونالدو وفيليكس كان فعالًا، حيث تنوعت طرق الوصول إلى المرمى بين الكرات العرضية والتسديدات البعيدة والاختراقات الفردية. هذا التنوع منح البرتغال أفضلية واضحة، وجعل مهمة الدفاع الآيرلندي شبه مستحيلة.
آيرلندا: مقاومة محدودة وانهيار تدريجي
منتخب آيرلندا حاول الصمود، لكنه افتقر إلى التنظيم والقدرة على مجاراة النسق البرتغالي. الفريق اعتمد على الدفاع المكثف والهجمات المرتدة، لكنه لم ينجح في تهديد مرمى دييغو كوستا سوى في مناسبتين، إحداهما من تسديدة بعيدة تصدى لها الحارس بثبات.
المدرب الآيرلندي أجرى عدة تبديلات في الشوط الثاني، لكن الفارق في الجودة كان واضحًا. الفريق بدا منهكًا بدنيًا، وافتقر إلى الحلول الهجومية، مما جعله يستسلم تدريجيًا للضغط البرتغالي.
قراءة تكتيكية: مارتينيز يثبت بصمته
المدرب روبرتو مارتينيز اعتمد على خطة 4-3-3، مع مرونة في التحولات الهجومية. فيتينيا كان محور التوازن في الوسط، بينما منح برناردو سيلفا وبرونو فيرنانديز حرية التحرك خلف المهاجمين. هذه التوليفة سمحت للبرتغال بالسيطرة على وسط الملعب، وخلق فرص متعددة.
مارتينيز أظهر ذكاءً تكتيكيًا في توقيت التبديلات، حيث أراح بعض اللاعبين الأساسيين بعد ضمان النتيجة، وأشرك عناصر شابة لاكتساب الخبرة. هذا النهج يعكس رؤية مستقبلية، ويؤكد أن البرتغال لا تعتمد فقط على النجوم، بل تبني فريقًا متكاملًا.
الجماهير والإعلام: احتفاء بالأداء والنتيجة
الجماهير البرتغالية، التي ملأت مدرجات ملعب “جوزيه ألفالادي”، احتفلت بالأداء المقنع والانتصار الكبير. الهتافات لرونالدو لم تتوقف، خاصة بعد تسجيله الهدف الثالث. الإعلام المحلي أشاد بالتنظيم التكتيكي، واعتبر المباراة خطوة مهمة نحو التأهل.
الصحف البرتغالية ركزت على تألق برونو فيرنانديز، وعلى نضج اللاعبين الشباب الذين بدأوا يأخذون مكانهم في التشكيلة الأساسية. كما تناولت الدور القيادي لرونالدو، الذي لا يزال يحظى بثقة المدرب والجماهير رغم تقدمه في السن.
ترتيب المجموعة: البرتغال تبتعد في الصدارة
بفضل هذا الفوز، رفعت البرتغال رصيدها إلى 9 نقاط من ثلاث مباريات، مبتعدة عن أقرب منافسيها أرمينيا التي تمتلك 6 نقاط. هذا التقدم يمنح مارتينيز هامشًا من الراحة، لكنه يدرك أن الطريق إلى كأس العالم لا يزال طويلًا، وأن الحفاظ على النسق هو التحدي الأكبر.
مستقبل التصفيات: اختبارات قادمة
المباراة المقبلة للبرتغال ستكون أمام المجر، في مواجهة قد تحدد ملامح التأهل المبكر. مارتينيز سيحتاج إلى تثبيت التشكيلة، وتحفيز اللاعبين للحفاظ على التركيز. أما آيرلندا، فستواجه أرمينيا في محاولة لتجنب الخروج المبكر من سباق التصفيات.
خاتمة: البرتغال تواصل التألق.. والرسالة وصلت
انتصار البرتغال على آيرلندا لم يكن مجرد فوز في مباراة، بل رسالة واضحة بأن الفريق يسير بثبات نحو المونديال. الأداء الجماعي، التألق الفردي، والمرونة التكتيكية، كلها عناصر تؤكد أن المنتخب البرتغالي يعيش مرحلة نضج كروي، ويبدو جاهزًا لكتابة فصل جديد من تاريخه في كأس العالم.




