إسبانيا تثبت تفوقها أمام جورجيا وتركيا تعود بنقاط ثمينة من بلغاريا


مقدمة: ليلة أوروبية حاسمة في طريق المونديال
في إطار الجولة الثالثة من التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026، شهدت القارة العجوز مواجهتين بارزتين حملتا الكثير من الدلالات الفنية والتكتيكية: الأولى جمعت منتخب إسبانيا بنظيره الجورجي على ملعب “مانويل مارتينيز فاليرو” في مدينة إلتشي، والثانية جمعت تركيا وبلغاريا في صدام خارج الديار. وبين رغبة الإسبان في تأكيد الصدارة، وطموح الأتراك في العودة إلى المنافسة، جاءت النتائج لتعكس الفوارق الفنية وتكشف ملامح المرحلة المقبلة.
إسبانيا × جورجيا: سيطرة مطلقة رغم الغيابات
الغيابات لا تعني التراجع
دخل المنتخب الإسباني اللقاء وسط غيابات مؤثرة أبرزها رودري هيرنانديز، جافي، لامين يامال وفابيان رويز، مما وضع المدرب لويس دي لا فوينتي أمام تحدٍ كبير في اختيار التشكيلة. ورغم ذلك، أثبت “لا روخا” أن منظومته قادرة على تجاوز الظروف، معتمدًا على عناصر شابة مثل نيكو جونزاليس، بابلو باريوس وماركوس يورينتي.
بداية قوية وهدف مبكر
منذ الدقيقة الأولى، فرض الإسبان إيقاعهم على المباراة، واستحوذوا على الكرة بنسبة تجاوزت 70%. وفي الدقيقة 12، افتتح ألفارو موراتا التسجيل بعد تمريرة عرضية من نيكو ويليامز، سددها برأسه في الزاوية البعيدة للحارس الجورجي.
جورجيا تحاول.. لكن الفوارق واضحة
منتخب جورجيا بقيادة المدرب ويلي سانيول حاول مجاراة النسق الإسباني، معتمدًا على نجمه خفيتشا كفاراتسخيليا، الذي شكل بعض الخطورة عبر الأطراف. لكن الدفاع الإسباني بقيادة إيمريك لابورت وناتشو كان يقظًا، وأجهض معظم المحاولات قبل أن تصل إلى منطقة الخطر.
الشوط الثاني: تعزيز النتيجة وتأكيد التفوق
في الدقيقة 57، أضاف بابلو باريوس الهدف الثاني بتسديدة قوية من خارج المنطقة، بعد تمريرة ذكية من ماركوس يورينتي. الهدف جاء تتويجًا لأداء جماعي متوازن، حيث تنوعت طرق الوصول إلى المرمى بين الاختراقات الأرضية والكرات العرضية.
وفي الدقيقة 81، اختتم نيكو ويليامز الثلاثية بعد مجهود فردي رائع، راوغ فيه مدافعين وسدد كرة أرضية زاحفة سكنت الشباك، ليؤكد تفوق “لا روخا” ويمنح الجماهير الإسبانية ليلة مثالية.
تركيا × بلغاريا: انتصار خارج الديار يعيد الثقة
بداية متوازنة وتكتيك حذر
على ملعب “فاسيل ليفسكي” في صوفيا، دخل المنتخب التركي اللقاء بتوازن تكتيكي، مدركًا صعوبة اللعب خارج الأرض أمام خصم عنيد. المدرب ستيفان كونتس اعتمد على خطة 4-2-3-1، مع وجود هاكان تشالهان أوغلو في مركز صناعة اللعب، خلف المهاجم إنيس أونال.
بلغاريا تفتتح التسجيل.. وتركيا ترد بسرعة
في الدقيقة 22، باغت المنتخب البلغاري ضيفه بهدف من تسديدة بعيدة عبر كيريل ديسبودوف، مستغلًا ارتباكًا في التغطية الدفاعية. لكن الرد التركي جاء سريعًا، ففي الدقيقة 29، سجل إنيس أونال هدف التعادل بعد تمريرة بينية من تشالهان أوغلو، انفرد على إثرها بالحارس وسدد بثقة.
الشوط الثاني: الحسم التركي
في الدقيقة 64، سجل جنكيز أوندير الهدف الثاني لتركيا من ركلة حرة مباشرة نفذها ببراعة، لتتحول المباراة إلى سيطرة تركية واضحة. بلغاريا حاولت العودة، لكنها اصطدمت بتنظيم دفاعي محكم، وتألق الحارس ميرت غونك في التصدي لعدة كرات خطيرة.
وفي الدقيقة 88، أضاف البديل أردا غولر الهدف الثالث بعد هجمة مرتدة سريعة، ليحسم الأتراك المواجهة ويعودوا بثلاث نقاط ثمينة تعيدهم إلى المنافسة على صدارة المجموعة.
قراءة فنية: بين الاستحواذ الإسباني والفعالية التركية
إسبانيا: منظومة متكاملة رغم الغيابات
المدرب لويس دي لا فوينتي أثبت أنه قادر على إدارة المباريات الكبرى حتى في ظل غياب النجوم. اعتمد على الضغط العالي، والتحولات السريعة، واستغلال الأطراف، مما جعل المنتخب الجورجي عاجزًا عن مجاراة النسق. الأداء الجماعي كان مفتاح الفوز، مع تألق واضح للعناصر الشابة التي أثبتت جاهزيتها.
تركيا: فعالية هجومية وتنظيم دفاعي
المنتخب التركي لم يستحوذ على الكرة كثيرًا، لكنه كان أكثر فعالية في الثلث الأخير. التمريرات الحاسمة، واستغلال الكرات الثابتة، والتنظيم الدفاعي، كلها عناصر ساهمت في تحقيق الفوز. المدرب كونتس أدار المباراة بذكاء، وأجرى تبديلات مؤثرة في التوقيت المناسب.
ترتيب المجموعة: صراع ثلاثي على الصدارة
بعد نهاية الجولة الثالثة، تصدرت إسبانيا المجموعة الخامسة برصيد 9 نقاط، تليها تركيا بـ6 نقاط، ثم جورجيا بـ3 نقاط، بينما بقيت بلغاريا دون نقاط. هذا الترتيب يعكس الفوارق الفنية بين المنتخبات، ويؤكد أن الصراع على بطاقة التأهل المباشر سيكون بين إسبانيا وتركيا، مع إمكانية دخول جورجيا على الخط إذا حافظت على نسقها.
الجماهير والإعلام: إشادة بالأداء وتحليل للمستقبل
الجماهير الإسبانية احتفلت بالأداء المقنع، خاصة بعد تألق العناصر البديلة، مما يعزز الثقة في مشروع دي لا فوينتي. الإعلام المحلي ركز على نيكو ويليامز وبابلو باريوس، واعتبرهما من أبرز مكاسب اللقاء.
أما في تركيا، فكان الفوز خارج الأرض بمثابة دفعة معنوية كبيرة، خاصة بعد الانتقادات التي طالت الفريق في الجولات السابقة. الصحف التركية أشادت بتألق أوندير وغولر، واعتبرت أن المنتخب بدأ يستعيد توازنه.
تحديات قادمة: اختبارات حاسمة في الطريق
إسبانيا ستواجه بلغاريا في الجولة المقبلة، وهي فرصة لتعزيز الصدارة، بينما ستلتقي تركيا بجورجيا في مواجهة مباشرة قد تحدد ملامح المنافسة. المدربان سيحتاجان إلى الحفاظ على التركيز، وتجنب الإصابات، خاصة في ظل ضغط المباريات وتداخل البطولات المحلية.
خاتمة: أوروبا تشتعل.. والمنتخبات الكبرى تثبت حضورها
في ليلة كروية أوروبية، أثبتت إسبانيا وتركيا أنهما جاهزتان للمنافسة على بطاقة التأهل إلى كأس العالم 2026. الأداء الفني، التنظيم التكتيكي، والتألق الفردي، كلها عناصر رسمت ملامح الجولة الثالثة، وأشعلت الصراع في المجموعة الخامسة. وبين طموح التأهل المبكر ورغبة إثبات الذات، تبدو التصفيات الأوروبية أكثر إثارة من أي وقت مضى.




