أخبار الدوريات

ألفاريز بين المطرقة والسندان: حلم الليغا يوقظ صراعًا إسبانيًا جديدًا

في زمنٍ باتت فيه الشائعات تسبق الحقائق، وتغريدات اللاعبين تُفسَّر كرسائل مشفّرة، يعيش النجم الأرجنتيني جوليان ألفاريز لحظة مفصلية في مسيرته، حيث يتأرجح بين قطبي الكرة الإسبانية: برشلونة وريال مدريد. وبين نبوءة انتقال محتمل، وأمنية جماهيرية تتغذى على كل تصريح أو حركة، يتحول اسم ألفاريز إلى مادة يومية في الصحافة الرياضية، ويصبح مستقبله لغزًا يثير شهية التحليل والتكهن.

ألفاريز: من ظل هالاند إلى بؤرة الضوء

منذ انتقاله إلى مانشستر سيتي، وجد ألفاريز نفسه في ظل آلة التهديف النرويجية إيرلينغ هالاند. ورغم مشاركاته المهمة، خاصة في غياب هالاند أو في المباريات التكتيكية المعقدة، فإن ألفاريز لم يحصل على الدور القيادي الذي يستحقه. ومع تألقه في كأس العالم 2022، وتأكيده على قدرته في اللعب كمهاجم أول أو صانع لعب متقدم، بدأت الأندية الكبرى في مراقبته عن كثب.

ريال مدريد وبرشلونة، كلٌ بطريقته، يرى في ألفاريز القطعة الناقصة في مشروعه الهجومي. الأول يبحث عن بديل طويل الأمد لكريم بنزيما، والثاني يسعى لإعادة بناء خط الهجوم بعد رحيل ليفاندوفسكي المتوقع في نهاية الموسم.

برشلونة: مشروع شاب يحتاج إلى قائد هجومي

تشافي هيرنانديز، مدرب برشلونة، يرى في ألفاريز نموذجًا مثاليًا للمهاجم الحديث: سريع، ذكي، يجيد الضغط العالي، ويملك حسًا تهديفيًا عاليًا. في ظل اعتماد برشلونة على لاعبين شباب مثل لامين يامال وفيران توريس، فإن وجود مهاجم بخبرة دولية مثل ألفاريز سيمنح الفريق توازنًا هجوميًا، وقدرة على الحسم في المباريات الكبرى.

كما أن أسلوب لعب ألفاريز يتماشى مع فلسفة برشلونة في الاستحواذ والتحرك بين الخطوط، وهو ما يجعل الصفقة منطقية فنيًا، رغم التحديات المالية التي يواجهها النادي الكتالوني.

ريال مدريد: عين على المستقبل

في المقابل، يراقب ريال مدريد الوضع بهدوء، كعادته في الصفقات الكبرى. فالنادي الملكي يدرك أن ألفاريز يمكن أن يكون امتدادًا طبيعيًا لحقبة بنزيما، خاصة مع قدرته على اللعب كمهاجم وهمي، أو خلف رأس الحربة، وهو الدور الذي يجيده في منتخب الأرجنتين.

أنشيلوتي، أو من يخلفه في الموسم المقبل، سيكون سعيدًا بوجود لاعب مثل ألفاريز، خاصة في ظل التوجه نحو بناء فريق شاب يضم فينيسيوس، رودريغو، بيلينغهام، وتشواميني. ألفاريز سيكون القطعة التي تربط كل هؤلاء، وتمنح الهجوم مرونة تكتيكية أكبر.

اللاعب: بين الحلم والواقعية

بحسب مصادر مقربة، فإن ألفاريز لا يخفي إعجابه بالكرة الإسبانية، وقد عبّر في أكثر من مناسبة عن رغبته في اللعب في الليغا. لكن في الوقت ذاته، يدرك أن الانتقال إلى أحد قطبي إسبانيا يعني الدخول في دوامة إعلامية وجماهيرية لا ترحم، خاصة إذا لم ينجح سريعًا في فرض نفسه.

ألفاريز لاعب ناضج، لا يتخذ قراراته بناءً على العاطفة فقط، بل يدرس المشروع الرياضي، وضمانات اللعب، والدور الذي سيُمنح له. ولهذا، فإن تأرجحه بين برشلونة وريال مدريد ليس مجرد تردد، بل بحث عن الخيار الأنسب لمسيرته.

مانشستر سيتي: هل يفرّط في جوهرته؟

رغم أن السيتي لا يرغب في بيع ألفاريز، فإن وجود هالاند، وتفضيل غوارديولا للاعبين معينين في مراكز محددة، قد يدفع النادي للتفكير في عرض مغرٍ من أحد العملاقين الإسبانيين. خاصة إذا تجاوز العرض حاجز الـ80 مليون يورو، وهو رقم قد يُغري الإدارة، ويمنحها فرصة لتعزيز مراكز أخرى.

لكن غوارديولا يدرك قيمة ألفاريز، وقد يرفض التفريط فيه، خاصة إذا قرر تغيير أسلوب اللعب، أو إذا تعرض هالاند لإصابة طويلة.

الجماهير: أمنيات تتجاوز المنطق

على مواقع التواصل الاجتماعي، تحوّل اسم ألفاريز إلى ترند يومي. جماهير برشلونة ترى فيه “سواريز الجديد”، بينما جماهير ريال مدريد تعتبره “بنزيما القادم”. هذا التفاعل الجماهيري يعكس حجم التوقعات، لكنه أيضًا يضع ضغطًا نفسيًا على اللاعب، الذي لم يعلن حتى الآن عن أي رغبة واضحة.

الإعلام: نبوءات وتكهنات

الصحف الإسبانية والبريطانية تتعامل مع ملف ألفاريز بحذر، لكنها لا تخفي أن هناك اتصالات أولية بين ممثلي اللاعب وبعض مسؤولي الناديين. صحيفة “ماركا” تحدثت عن “اهتمام جاد من ريال مدريد”، بينما قالت “سبورت” الكتالونية إن “تشافي طلب من الإدارة التحرك سريعًا”.

في إنجلترا، تشير التقارير إلى أن السيتي لن يبيع إلا إذا طلب اللاعب الرحيل، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

التكتيك أولًا: أين يناسب ألفاريز أكثر؟

من الناحية الفنية، يمكن لألفاريز أن يتألق في كلا الفريقين، لكن الفارق يكمن في الأسلوب. برشلونة يعتمد على التمرير القصير والتحرك الجماعي، بينما ريال مدريد يمنح حرية أكبر للمهاجمين في التحرك وصناعة الفارق الفردي.

إذا كان ألفاريز يبحث عن دور قيادي، فقد يكون ريال مدريد الخيار الأفضل. أما إذا أراد التطور داخل منظومة جماعية، فإن برشلونة قد يمنحه بيئة مثالية لذلك.

هل نشهد صراعًا جديدًا؟

إذا قرر ألفاريز الرحيل، فإننا أمام صيف ساخن، قد يشهد صراعًا مشابهًا لما حدث مع نيمار، أو مبابي. فكل طرف سيحاول تقديم مشروعه بأفضل صورة، والجماهير ستنقسم، والإعلام سيشتعل، واللاعب سيكون في قلب العاصفة.

لكن في النهاية، القرار سيكون بيد ألفاريز، الذي يملك فرصة نادرة ليختار بين تاريخين، وبين مدرستين، وبين حلمٍ قد يتحقق، أو يتحول إلى عبء.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى